اليوم .. أتجول بين جدران هذا المنزل .. أتحسسها .. أتفحَّصها..
أقف أمامها وكأنى أُحدِّثها .. أو أقرأ ذكريات طُبعت بين ثنايا ملامحها
أُقلِّب صفحاتها .. يراوغنى حنيناً .. فأبتسم
يــا الله !! .. لكم أعشق هذا المنزل ! ..
وكيف لا أعشق مكاناً شهدتُ فيه حياتى السابقة .. بكافة تفاصيلها
وحتى هذه اللحظة .. مازال شاهداً علىّ
ربطنى به سابقاً كل شئ .. بين جدرانه تشكَّلت حياتى .. وعليها نقشتُ ذكرياتى .. مواقفى وانفعالاتى .. براءتى وسذاجتى .. هدوئى وغضبى .. أمنى وذعرى
حبى لإخوتى .. مشاجراتنا .. دموعنا وأفراحنا
دعوات أمى ونصائح أبى
قُل لى ..
كيف لا يداعبنى حنيناً إليه .. وقد اقترب وقت فراقنا؟
لست أقسو عليه بهذا الفراق .. ولا أقسو على نفسى ! ..
كلانا يعلم أننا حتماً سنفترق فى يوم ما .. وقد حان الموعد !
************
أتذكرُ تفاصيل ذلك اليوم جيداً .. وكأنه لم يمر عليه سنة كاملة
يومٌ تعانقت فيه أرواحنا ووُحِّدت دروبها فى درب واحدٍ
ملؤه أنا .. وأنتَ
يوم أن وطأت بقدميكَ –لأول مرة- هنا .. فى بيت أبى
فى أول زيارة لكَ خططت عنوانها بقلمكَ فى ذاكرتى :" من أجلكِ .. وأجلى"
إرتباك يراودنى .. وفرحة تغمرنى
دموع خجلٍ تصاحب بسمتى
لم يدُر فى بالى للحظة أن هذا الحلم الذى حلمتُ به زمناً ودعوت الله من أجله كثيراً فى كل صلاةٍ .. وفى كل سجدةٍ..
سيصبح حقيقةً ألمسها .. بل وأعيش تفاصيلها .. بكَ ومعــكَ
بالله عليكَ قُل لى .. أأنا أحيا بواقع ألمسه ؟؟ .. أم أنى مازلتُ أحلم ..وسأظلُّ أدعو أن يصبح الحلم حقيقة ؟؟ ....
************
يوم خُطبتنا ..
تتلألأ الدموع فى عيون كل من يحاوطونى .. مازالوا غير مصدِّقين أن تلك الطفلة المُدللَّة .. أصبحت عروساً تجلس إلى جانب أميرها .. ويتوِّجان حكاياهما بمنَّةٍ من الله وقرب أبدىّ
أسرحُ فى أفكارى .. وأبتسم ..
يعيدنى إلى الواقع خاتمُ يتخلل إصبعى .. نُقشَ عليه حروف اسمك
بريقه يعكس بريق وجودك فى حياتى
أشعرُ بنسمات الحب تداعبنى ..
وحلقات الأمان –بوجودك- تحاوطنى
لن يكفينى عمراً فوق عمرى كى أصف لكَ جزءاً مما فى قلبى .. وأعماقى
لن أُكفيك القول أبداً يا من تخللت مسام أوقاتى .. فزِدتَ وجهها إشراقاً
أنت لم تزيّن يومى فحسب .. بل وأيامى القادمة .. كما يزين حبك قلبى
************
بيوم عُرسنا طالما حلمنا .. ولبيتنا الصغير وضعنا اللبنات الأولى
أنقلُ كافة أشيائى من بيتى القديم .. إلى بيتنا .. أنا وأنتَ
أضع أحاسيساً مُغلَّفة بكَ .. ولكَ .. أثاثاً لعشنا الصغير
وكأن شيئاً لم أشهده من قبل يربطنى بهذا المكان !
أفمن المعقول أن أتعلق به .. بهذه السرعة؟!
أشتاق إليه كلما تركته .. وأشعر بإرتياح جميل يملؤنى كلما إليه عدتُ
يستقبلنى بأضواء تزيده جمالاً على جمال.. ويودعنى منكِّساً إياها
وداعه دوماً مصحوبٌ ببصيص نور آملاً فى اللقاء .. والبقاء
أتساءل دوماً ..
أأشتاق أنا إليه؟ أم هو من يشتاق إلىّ؟
************
اليوم ..
أحملُ فى يدى باقة من أجمل المشاعر ..
كم واريتها عن عيون الناس من أجلك !..
أجل .. من أجلكَ أنت يا شريك عُمرى .. بل يا كل عمرى
أُزَفُّ إليكِ قلباُ وحلماً .. بفستانٍ أبيض .. تماماً كقلبكَ
تداعب يداك الرقيقة خاتم زواجنا .. تنقله برفق من يمينى إلى يسارى .. كى تبقى دوماً إلى جانب قلبى .. تبعث فيه النبض .. كما تُبعَث الحياة فى روحى بنظرة من عينيك
الكل حولنا يضحك .. تتراقص القلوب فرحاً .. وتعلو أصوات الزغاريد
أغمضُ عيناى .. كى أصطحبكَ إلى عالم خاص
بقلبى ..
الذى لم ولن يتوَّج به أمير .. إلا أنت
وأنتَ
تهمسُ فى أذنى بأول "أحبــكِ"
أبتسم خجلاً
لكم أود الآن أن أغلق عليك مملكتى ! .. وأحفظ صورتك بين طيّات روحى !
فاليوم سعادتى بكَ لا تضاهيها فرحة .. أو يصفها حفل زفــاف