11‏/02‏/2012

لــم تكتمـــل



11-02-2011


تاريخُ بعدُ لم ننساه
يبدو أنه هو من نسينا .. !


يومُ الحرية .. الفرحة العارمة فى كل الشوارع والميادين المصرية
تعجبتُ يومها حينما تأملت وجوه البشر حولى
لم تعلم التجاعيد يومها طريقاً لوجوه المصريين
الكل باسم الثغر .. راقص الحُلم .. عالى الراية .. رافع العلم
غمرتنى السعادة كما غمرت قلب الوطن


كنتُ أشعرُ باكتمال حلم .. واستئصال ورم من أخبث الأورام التى نخرت عظام الأمة
لا أستطيع أن أنسى أبداً تلك الوجوه المُشعَّة بأمل الغد .. تاركةً الأمس وما مضى
يومها .. تأكدتُ أن مصر لن ترى ليلاً أحْلّك من تلك الليالى المظلمة التى عشناها قبْلاً
كلٌ على يقينٍ بمستقبلٍ أفضل .. فمهما ساء لن يأتى بسوء ما سبق .. !
عمّ التفاؤل بكل القلوب حينها .. سادت الدعوات القلبيَّة راجية الإصلاح وإدمال ذاك الجرح الغائر الذى دب بقلب الوطن
انتقلت الحرية بين ذرات الهواء .. لا نراها .. بل نستنشق عطرها
وانتقل الإشراق إلى كل الميادين
والإبداع إلى كل العقول والأقلام .. حتى أن قلمى ظنَّ فى نفسه قيمة الإبداع أيضاً
قفز بين أصابعى .. وأخد يخطُّ بعضاً من الخطوط .. حقاً لا أعلم كيف كان يكتب .. ! يبدو أنه قد تآمر مع إحساسى كى يبُثَّا ما يحويه كل منهما
راح يكتب .. ولم أكتب .. !
كانت هناك قوة تقوده .. ربما حجبتنى سعادتى عن الإنشغال بها أو معرفة ماهيتها
فالأهم الآن : السعــادة
والشغل الشــاغل الآن : مستقبل الوطن
ملأ القلم ما يقرب من صفحة كاملة .. تعجبتُ كتابته .. !
وفجأة .. توقف .. !!
"ماذا دهاك يا قلمى؟ .. إكتب !"
لم يستمع إلىّ !
لم أعلم سبباً حقيقياً وراء توقفه عن عمله .. كنتُ أودُّ لو يكتب حكايات كألف ليلةٍ وليلة .. لا تنتهى ولا يُشبَع قارئوها
مجرد مقدِّمة سطرها .. واكتفى !
وتتوالى الأيام تباعاً .. وكل يومٍ أنظرُ إليها .. تروقنى جداً
أبتسمُ لمجرد لمس خيوط ذكراها ..وما أجمل ذكراها !
وما إن أُقِرَّ أن أُكملها .. حتى يعاندنى قلمى .. !
مرات ومرات .. لم أكلُّ أنا محاوَلةً .. ولم يكلُّ هو عناداً
أردتُ أن أُكملَ ما بدأه .. فجفَّ الحبر
أتيت بقلم آخرٍ كى يكمل .. فرفض !
ومثله .. ومثله الكثـــير
بتُّ أتعجب من تلك الوقفة الفجائية ..
كلما يرادونى حنيناً إلى حروفٍ لم تكتمل بعد .. أُعيد النظر إليها علَّها تكتمل .. فيكتمل معها حلمى .. وتتوحد معها مشاعرى .. وتزول بها مخاوفى
وكل مرَّة تأبى الإستمرار .. !


شعورٌ بالتناقض .. بالخوف
والكلُّ يسأل : "ولِمَ الخوف الآن ونحن –فى هذا اليوم- قد حفرنا بقلب الوطن تاريخاً جَليَّاً؟"
حاولتُ قدر الإمكان الفرار .. والتنصُّل من هواجس عقلى
وأنتظر .. كما ينتظر الباقون


أنتظر .. وأنتظر .. ثم أنتظر
وكم أكره الإنتظار هذا .. ! .. لكن كلاً يهون فى سبيلك يا وطنى
وكعادة دَقّات ساعة التَّرقُّب .. تمرُّ ببطءٍ شديدٍ
أكادُ أعدُّ ثوانيها .. بل لحظاتها !
وتمرُّ الأيام تِباعاً .. وتذبل أوراق الأشجار .. كما تذبل أوراق الأيام وتحرق نفسها
وتأخذ حُلماً رُسِمَ بعيون طفلةٍ ثوريَّةٍ كان مولدها بالميدان فى الخامس والعشرين من يناير ..
وما إن صرخت أولى صرخاتها .. حتى إستردَّ الملايين أنفاسهم .. كما إستردوا أولى ذرات الحُرية .. والحياة
آملين تلك البَقيَّة .. التى لم تأتِ بعد .. !
توالت الأحداث .. وتعاقبت الليالى .. والميدان لازال مُتكدَّساً بالبشر .. تختلط جُزيئات الحُرِّ بالعابد للذُّل
يختنق الرجال .. فتختنق العقول .. ويضيق حيِّز الفكر
تتهشَّم الحكمة وتذبل الرَّجاحة
لتلقى القتنة أرضاً خِصبةً تزرعها عبث الأيادى


وتتوالى الأيام .. ونتوق معها إلى فرحة .. إلى بشرى
أيـــن ذهبت؟!! ..
مازال الجرح هو الجرح
والأرض لا تزال عَطْشَى لمزيد من عبق الدماء
والدماء دوماً تُلبِّى مناديها .. فلم تبخل حيناً .. ولم يغفل سَيْلها بُرهةً
تتدفَّق كالأنهار .. تموُجُ بشوارع مدينتى وكل المدن المصرية .. تختلط بالأجساد .. الحيّة والمفارقة أرواحها
تسيل وما للسيْل من مانعٍ .. وما للجرح من طبيب .. !
فحتى الطبيب .. ســال دمه فداءاً لها .. وانتقاه الرحمن –بإذنه- ليكون قريباً ممن سبقوه بالفرار من الدُّنيا .. لآخرةٍ خيرٌ منها وأبقى


آخرةٍ يصعب على قلمى .. بل وكل الأقلام أن تسطرها
فلا عقل –مهما إرتقى فكره- يستطيع أن يصل إلى حتميَّة نهاياتٍ لم تأتِ بعد
سواء كانت فى السمــاء أو بقلب الأرض
لــذا ..
لم أكتب النهــاية
ولـن أكتبها ..
 ليس عِـناداً أو بُخْــلاً
ولكن لجهلــى بها .. ولستُ وحدى من يجهـلها
فــ " الله وحده هو عالم الغيب وما تخفيه الغيابات"


وإن ظننتُ قبلاً أن عصر الظًّلم والظلمات قد انتهى
فـإنى الآن أقِرُّ بجهل كــل نهاية
لأن الثَّورة لا تزال قائمــةً .. ولم تنتهى بعــد .. !
والجــرج مازال نازِفاً .. ولم يُطــاب بعد .. !


لكنّ يقينــى .. كــل يقيــنى
بنصــرِ الله 
الآتِ قريــباً .. بإذنه وحــده



هناك 14 تعليقًا:

  1. الله عليكى ..يا ايماااااااااااااان

    بجد بجد بجد

    ماشاءالله ..كلمات منسقه منظمه فى محلها

    وتعبيرات اكثر من رائعه

    واسلوب شاق جدااااااااااااا

    حفظك الله ..ومن ابداع لابداع

    ردحذف
    الردود
    1. ربنا يخليكى يا منــار
      بعض ما عندكــم يا شاعرتــنا إن شاء الله :))

      حذف
  2. الله يبارك فيكى يا إيمان بجد انتى مُبدعه الله يحفظك ويحقق لكِ كل ماتتمنى وأكثرررر :)

    ردحذف
    الردود
    1. آميـــن يارب
      وإيــاكم

      أنا دايماً بحب أوووووى أعرف رأيك يا سومة .. لأنه يهمنى فعــلاً :)
      ربنا يخليكى :))

      حذف
  3. ماشاء الله يا ايمان
    جميله جدا...دايما مميزه و مبدعه
    لغتك سهله و جميله و تشبيهاتك جميييييله جدا

    دمتي مبدعه :)

    ردحذف
    الردود
    1. :)
      ربنا يخليكى يا منار
      مش ناوية تكتبى لنا إنتى بقى حاجة جديدة ولا ايه؟ ;)
      وحشتنا كتاباتك :))

      حذف
  4. :)

    أنا استمتعت

    حقيقى تحفة

    بس كده

    :)

    ردحذف
  5. حلو الاسلوب الكلمات

    جميل

    ردحذف
  6. الردود
    1. لايك بس؟
      ولا لايك وكومنت؟ .. حددى موقفك
      هههههه

      منورة يا مها
      واضح إنها عاجباكى وكل شوية تقرأيها :D

      حذف

تعليقك .. يُشرفنى :)